إطوال بريس :
كيف يمكن النهوض بالمجتمع والنساء اللواتي يشكلن نصفه تهدر حقوقهن ويتعرضن للحيف والعنف والتهميش؟”؛ هكذا خاطب الملك محمد السادس المغاربة يوم 10 أكتوبر 2003 في سياق حديثه عن النهوض بأوضاع المرأة، وهو الخطاب الذي اعتبرته الحركة النسائية آنذاك مؤيدا لمطالبها.
رجاء العلوي، عضو اتحاد العمل النسائي، وصفت نص الخطاب الذي أعلن خلاله الملك العاشر من أكتوبر يوما وطنيا للمرأة المغربية، بـ”المحطة التاريخية الهامة” حيث حظي المغرب بتنويه دولي بعد التقدم الذي أحرزه فيما يخص الانخراط في مناهضة العنف والتمييز ضد النساء وتيسير ولوجهن إلى الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية والبيئية.
مراجعة المدونة
وهي ترصد وضعية المرأة المغربية بين سنتي 2003 و2022، أشارت رجاء إلى استبدال مدونة الأحوال الشخصية بمدونة الأسرة سنة 2004، بصيغة توافقية وبمقاربة تشاركية مع الحركة النسائية والحقوقية، معتبرة إياها أهم خطوة في مراجعة القوانين التمييزية والإقرار بالمساواة بين الجنسين.
وفي هذا السياق، ذكرت المتحدثة لهسبريس تصديق المغرب على مجموعة هامة من الاتفاقيات الدولية، منها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ورفع التحفظ عن بعض بنودها، بالإضافة إلى انخراط النساء والفتيات في حركة 20 فبراير والمطالبة بالمناصفة والمساواة، ناهيك عن دسترة مطالب الحركة النسائية والحقوقية ضمن دستور 2011، وخاصة الفصل 19 والفصل 164.
من جهة أخرى، ربطت الفاعلة المدنية صعود التيار المحافظ بالتراجع على مكتسبات الحركة النسائية ومضامين خطابي 2003 و9 يوليوز 2011، مشيرة في هذا السياق إلى “ارتفاع نسب تمثيلية النساء في البرلمان 2011 و2016 بفضل التمييز الايجابي عن طريق اللائحة الوطنية التي لم تسلم من تحكم العقلية الذكورية والمحسوبية في انتقائها وتحديد رتبها، في حين ظلت نسبة إقناع النساء الناخبين في الدوائر المحلية ضعيفة جدا”.
وسجلت المتحدثة بأسف “القصور في تفعيل بنود دستور 2011 من أجل أجراة حقوق المغربيات، وخاصة مبدأي المساواة والمناصفة، وعدم الأخذ بمقترحات الحركة النسائية فيما يتعلق بقانون العنف 103/13، وعدم إحداث هيئة المناصفة كآلية دستورية وذات صلاحيات قانونية وبإشراك فعلي حقيقي للحركة النسائية”.
ويطالب اتحاد العمل النسائي بـ”تغيير جذري وعميق لمدونة الأسرة، بعد أن أثبتت قصورها ميدانيا في الحد من العنف المبني على النوع وتحقيق المساواة في الولوج إلى العدالة”، ويدعو إلى “الانخراط الإيجابي للنيابة العامة والشرطة في الحد من العنف ومواكبة النساء المرتفقات”.
وأبرزت العلوي أهمية خطاب 20 غشت الأخير الذي فتح من جديد ورش المساواة وعدم التمييز في مدونة الأسرة وغيرها من القوانين التمييزية؛ إذ جاء التأكيد الملكي على أن أوضاع النساء المغربيات ستظل معيقا للتنمية المنشودة في ظل استمرار زواج القاصر وتعقيد المساطر القانونية، خاصة بعد تنامي مظاهر التمييز والعنف بشتى أنواعه مع وبعد جائحة كورونا.
القانون الجنائي
نبهت فدرالية رابطة حقوق النساء إلى استمرار الفوارق بين النساء والرجال، وتعمقها في سياق الأزمة الصحية وما بعدها وفي ظل الأزمة الاقتصادية وغلاء المعيشة التي يشهدها المغرب وعدد من دول العالم، داعية الحكومة إلى بذل مجهودات أكبر لتعزيز مكانة وأدوار النساء المغربيات، والقضاء على التمييز والعنف ضدهن، وتحسين ولوج النساء إلى حقوقهن الإنسانية على مستوى التشريعات وعلى مستوى التطبيق على أرض الواقع.
كما طالبت الفدرالية بتحقيق تطلعات النساء المغربيات، وفي مقدمتها تفعيل الإصلاح الشامل لمدونة الأسرة بما يضمن حقوقا متساوية للمرأة مع الرجل فيما يتعلق بانعقاد الزواج وفسخه وفي العلاقة مع الأطفال والولاية والميراث، وملاءمتها مع الدستور ومع الاتفاقيات الدولية للحقوق الإنسانية للنساء.
وشددت الهيئة ذاتها، في بيان توصلت به هسبريس، على ضرورة القيام بمراجعة جذرية لمنظومة القانون الجنائي من حيث فلسفتها المبنية على التمييز والذكورية ومقتضياتها بما يتلاءم مع الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ويضمن الحريات الفردية والجماعية.
كما أكدت على أهمية إخراج هيئة المناصفة ومكافحة جميع أشكال التمييز إلى حيز الوجود بشكل استعجالي، مع مراجعة القانون 79.14 المحدث لها وفق مبادئ باريس وتمكينها من الصلاحيات والموارد التي تجعلها آلية لتتبع وتقييم السياسات العمومية في مجال المساواة ومناهضة التمييز القائم على النوع الاجتماعي، وكذا تفعيل الآليات والميكانيزمات المؤسساتية الرامية إلى مناهضة التمييز والعنف وحماية النساء منه، وتجويد القانون 103/13 بشأن العنف ضد النساء، وإصدار قانون إطار للمساواة للقضاء على كل أشكال التمييز بسبب الجنس.